الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017

الأميرة العاشقة .. ( قصة قصيرة ) .. ( 3 ) ... بقلم الكاتب / حسن عصام الدين طلبة

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏نص‏‏‏

الأميرة العاشقة .. ( قصة قصيرة ) .. ( 3 )

بينما كان الوزير الشاعر فى غيابات السجن ، بسبب مؤامرات خصومه وحساده على حب الأميرة ولادة له ، كان أبو عامر بن عبدوس خصم ابن زيدون اللدود ، قد انتهز الفرصة وتقرب من الأميرة فى مجالسها الأدبية التى قلت كثيراً بسبب محنة حبيبها ابن زيدون ، وراح ابن عبدوس يغدق عليها بالهدايا ، ويلبى لها رغباتها دون انتظار أن تبديها أو تطلبها من أحد ..
" .. تتسارع أمام عينى مشاهد الطامعين فى حبى .. كل منهم يريد أن يشترى مودتى بأى ثمن ، ولكن هيهات .. " .. سرح خيال الأميرة وجرت فى خاطرها تلك الكلمات ، وهى تنظر إلى ابن عبدوس وهو ينحنى أمامها ملبياً لكل رغباتها ، من دون أن تمنحه شىء ..
نعم كانت الأميرة ولادة محبة وعاشقة مخلصة لحبيبها إلا أنها لم تستطيع أن تكبت رغباتها الدفينة فى الانتقام من المجتمع الذى تعيشه .. المجتمع الذى سلب أسرتها ملك الأندلس ، ففى صدرها مزيج عجيب من حقدٌ تاريخي ، ومرحٌ روحي ، ونرجسية نفسية ؛ فارتأت لأجله أن تعبث بالقلوب وتُحطمها ، تمنحُ مودتها لمن تشاء ، وتستردها متى تشاء ، فلم تكن في ودها كاذبة ، ولا في رجوعها غادرة ، وإنّما هو طبعها الهازئ ، تستلذ خفقات القلوب ، فتبدل واحداً بعد آخر ، تتلذذ بعذاب المحب ، وتتمتع برؤيةِ احتراقه ودون أن تقصد ذلك ..
هكذا بدأ ابن زيدون يشعر ببرود لهفة الأميرة المحبة نحوه ، ويتعجب بينه وبين نفسه ويسألها " أهذه ولادة التى كانت تبكى على صدرى لوعة وعشقاً حينما نتباعد ولو لأيام قليلة .. لماذا لم تزورنى فى سجنى .. لماذا لم تحاول أن تطلب من كبراء القوم أن يطلبوا من القاضى ابن جهور أن يفرج عنى ويطلق سراحى .. ألا تدرى ما أنا فيه من هوان وضياع ، وأنا أعيش مع اللصوص والقتلة .. لا أعرف ما الذى يجرى من حولى ، فقد فقدت ثقتى فى كل من حولى .. حتى ولا .. " .. وعجز عن نطق اسمها ، وهكذا كانت تحدثه نفسه .. ومرت الأيام والأسابيع والشهور إلى أن مات القاضى الشيخ بن جهور ، وتولى ابنه السلطة ، وهو الصديق الصدوق للوزير ابن زيدون .. وفى غضون أيام قليلة ، خرج الوزير العاشق من سجنه واسترد نفسه ، وعادت له حياته التى أفتقدها ، وعاد يلتقى بحبيبته التى غاب عنها ، وغابت عنه ..
وتم لقاء المحبين بعد طول غياب وعذاب .. وراح كل منهما ينهل من معين الحب الذى كاد أن ينضب بعد شهور البعاد والعذاب .. وأخذت الأميرة المحبة تبكى بحرقة من نشوة الحب ، وذكريات الألم .. ومع كل دمعة تسقط على وجهها الوردى الناعم من عيناها السوداوان ، وخصلات الشعر تتدلى على جبينها الأبيض ، كانت تتلاشى معها ظنون السوء فى قلب المحب ، وتتبدل الوحشة والعتاب فى صدره إلى حب جارف يتملك قلبه .. وراح المحبان يقضيا معاً أحلى اللحظات وأجمل الساعات ، يختلساها من قلب الزمان ، بعيداً طمع الحاقدين وأعين الحاسدين .. وابتسمت الحياة بكل اتساعها ورحابتها للمحبين ، فاشرقت شموس البهجة فى نهار الأيام ، وأطلت النجوم والكواكب تتألق فى أمسياتها .. وتصرف المحبان كلً على سجيته ، دون حذر أو إحساس بغدر .. ولسان حالهما يقول .. " .. ممن يكون الحذر ، وممن يكون الغدر .. فلا أحد بيننا سوانا .. نحب كيفما نحب ، ونعيش حياتنا كما نريد أن نعيشها .. " .. وراح الزمان يقول :

" .. جاداك الغيث إذا الغيث همى .. يا زمان الوصل بالأندلس .. لم يكن وصلك إلا حلماً فى الكرى ، أو خلسة المختلس .. " ..... وتبقـــى للقصة نهاية .... ( تابع الجزء الأخير ) ... حسن عصام الدين طلبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

{{ سجال بعنوان الهجر }} ...بين الشاعر / إيهاب طه و الشاعرة / سماح نبيل

  {{ سجال  بعنوان الهجر }}  ...بين الشاعر /  إيهاب طه  و الشاعرة /  سماح نبيل   و الذي أقيم بمجلة نبض القلوب الالكترونية مساء يو...