وفاء ..على طاولة
الحزن !!
==============
حسام الدين بهي
الدين ريشو
==============
عندما وقفت أمامها
لأسال موعدا مع الطبيب
رأيتُ مُحَياها
يتوزعه مزيج من النور والجمال والسكينة .
رغم مايعلو وجهها من
ظلال حزن .
ذلك الحزن الجليل
الذي يفسح الطريق لصاحبه أن يسكن سويداء قلبك دونما إستئذان .
وكأن للحزن سلطانا
على القلوب .
أو قل أنه أيقظ
أحزانك الكامنة من غفوتها .
سألتني : ماذا تبتغي
؟
فأجبتها ...مضيفا :
ولعله القدر أتى بي
هنا كي أصلي صلاة الحزن في مقلتيك !!
فماذا أصابك ياربةَ
الجمال الحزين ؟
قالت :
وهل في المدائن غير
أحزان
وأجنحة فرح مكسورة
لا تجد من يجبرها على رمال الفقد وشطآن الرحيل
ثم أضافت بوجع :
فقدت منذ أيام .. الأصل
الذي أنا منه .
أصابتني رعشة وهمستُ
كأنا رفيقان في
معيته
أنا أيضا فقدت الفرع
الظليل الذي هو مني .
وها أنذا أتقلب في
رمال الفقد الساخنة حتى عدتُ الطبيب
تائه بين شواطئ
الجمر كضرير لايجد من يقوده .. ياصاحبة البهاء الوفي .
سارعت بالقول : إسمي
وفاء !!
فأجبتها : لا والله .
أنتِ الوفاء ذاته ..
تجسد زهرة يتفجر في مسامها عطر المروءة .
توهجت مقلتاها
بإبتسامة حاولتْ أن تغالب الحزن .
لكنها إنهزمت ففاض
خرز مآقيها .
غالبني وجد فإبتهلت
إليها راجيا :
هذا اللؤلؤ أغلى من
أن يتلقفه الثرى .
دعيه يصب في خزانة
قلبي فهو يدرك قيمته ؟
قالت :
ياسيد اللحظة
ما الجدوى .. وأنت
عابر سبيل.
لماذ تحاول أن تصنع
مِن يأس القلب أملا ؟
أجبتُ :
لا يعرف الحزن إلا
من يعانيه
ولا يدرك وحشة الفقد
إلا من تقلب في جمرها !
الحزن يا أيتها
الوفاء يتركنا عيدان خريف جافة .
ما إن يلامسها جمر
الذكريات حتى تشتعل .
وزادني أن خفقة
فؤادك الباكي تنعكس على مقلتيك .
فتصيبني سهامها ألما
على ألمي .
ولعله القدر جاء بي
هنا لأسألك أن نمنح أنفسنا فرصة نعتصر فيها الأحزان في قارورة اللقاء ثم نلقها في
النهر .
عسى يوما جديدا
يأتينا ومعه باقة من زهور الرضا والفرح
فكلانا قد يكون
عِوَضا للآخر عما فقدَ .
قالت :
آه ياسيد اللحظة
كأني ألمح إشراقا
خفيا يمشي الهوينى نحو طاولة الأحزان يحاول بعثرتها .
غير أني لا أدري
ماينبغي .
قلت :
الأماني لا تولد
مثمرة أو ناضجة .
وهنا لا ينبغي إلا
ماينبغي .
سأنتظرك يوما .. بعد
أن تصافح يمين الطبيب جراحي
فإمنحيني موعدا ؟
رأيتُ دموعها على
سواد الهُدْبِ تبدو كإبتسامة .
وغادرت حين غادرتُ
وفي ذاكرتي موعدُ . !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق