الاثنين، 4 ديسمبر 2017

كانت أمنيّــة .... بقلم الشاعر / عبدالله أيت أحمد

كانت أمنيّــة
في مساء ليلة عيد المولد النّبوي الشّريف، التقيته عن طريق الصّدفة بمكتب إيداع ملفّات المشاركة في إحدى الصّفقات المتعلّقة بشراء الكاميرات وتتبيثها داخل الإدارة؛ رغم مرور ما يزيد عن خمسة وعشرين سنة من الفراق؛ لم أتردّد كثيرا في التّعرف عليه، فقوامه الطّويل وملامح وجهه ما زالت تحتفظ بنفس القسمات؛ نحيف كما عهدته أيّام الدّراسة الثّانوية. وقفت برهة لاسترجاع الذّاكرة البعيدة ولأخذ نفس عميق.. بادرني بالقول ربّما أعرفك؛ أجبته بل أنا أعرفك تماما، ألست صديقي عزيز، تعانقنا سويّا وتبادلنا التّحية وكلُُّ منّا يسأل عن أخبار الآخر وأحواله.
صديقي عزيز تزوّج للمرّة الثّانية بعد فشل زيجته الأولى وخلّف إبنة في سنتها الخامسة..أطلعني على صوّرها الجميلة..
بعد افتراقنا في نهاية المرحلة الثّانوية ذهب كلّ واحد في اتّجاهه الخاص به..فأنا اخترت التّخصّص في المحاسبة، وبعدها العمل بالقطاع العام، وهو سلك القطاع الخاص بعد نيله ديبلوم الإعلاميات الّذي ساعده في إنشاء مقاولة صغيرة بعد فشله في مشروع تجاري خاص ببيع وسائل التكنوجيات الحديثة.
أولّ ما تذكرته كانت تلك الرسالة الّتي حمّلتها أيّاه لوالدي، الّذي لم يلج أبواب المدرسة للتّعلّم، فهو لا يتقن القراءة والكتابة، وكنت على يقين أنّه سيستعين بأحد الجيران كي يتلو عليه فحواها ويفهمه ما بداخلها، غالبا سوف لن يوصّل له الرّسالة المطلوبة والمعنى الأصحّ والحقيقيّ، ولكوني ربّما تأثرت بالقصص التاريخية لعنترة وعبلة وقيس وليلى وروايات جورجي زيدان وتوفيق الحكيم الّتي تعتبر من مصادر الحضارات التاريخيّة للوجدان البشري، فمن منّا لم يحلم بذاك العالم الرّوحاني الأفلاطوني الّذي يوجد بين دفّات الكتب وفي لقطات الأفلام الرّومانسية، لا أحد يستطيع نكران تلك الرغبة...
أبي لن يفهم رغباتي النّفسية الملحّة ولكن لا بأس من المحاولة، لذلك جهّزت رسالة مفادها:
أبي العزيز:
أعلم أنّني شابّ يافع في مقتبل العمر وينتظرني مسار طويل من الجدّ والمتابرة، فكما أنّ لي متطلّبات ماديّة فلديّ أيضا رغبات روحيّة..لا أنكر تقصيري في كبح جماح نفسي ولكن ليس بيدي حيلة ولا قوّة..لن أطلب منك سوى التحدث مع أهلها.
طبعا أبي لم يفهم رسالتي.. الّذي يقضُّ مضجعه هو التّفكير في مستقبل يكتنفه الغموض، وهو لا يرغب في تقديم السّند ولإجبار خاطري ذهب إلى أبعد من ذلك فقد اجتهد في خطبتها لصديقه صاحب دكّان الجزارة.
يتبع...

بقلم عبدالله أيت أحمد/المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

{{ سجال بعنوان الهجر }} ...بين الشاعر / إيهاب طه و الشاعرة / سماح نبيل

  {{ سجال  بعنوان الهجر }}  ...بين الشاعر /  إيهاب طه  و الشاعرة /  سماح نبيل   و الذي أقيم بمجلة نبض القلوب الالكترونية مساء يو...