
♠ ♠ ♠ ♠ القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ ♠
♠ ♠ ♠ زمان يا حب ♠ ♠ ♠
♠ ♠ فجأة أغلقت بيتها عليها ، لتكتشف لأول
مرة أنها أصبحت وحيدة ، وبعد 36 سنة رفقة ، والآن هي وحيدة ، بعد أن رحل شريك
حياتها الذي عرفت معه لأول مرة ، الشوق للحبيب وانتظار الرفيق ، والذي عَرفها على
أنُوثتها التي كانت تخشى الاقتراب منها قبل زواجها ، هكذا تربت على منطق العيب
والحرام ، وأول شئ فعلته بعد أن أغلقت عليها البيت ، أن أسرعت الي صورته المعلقة ،
وتزين المكان وقفت أمامها وأخذت تتذكر ، أول يومٍ دخل بيت أبيها يطلبها للزواج ،
كانت لا تعرفه ولكنها لما رأته دق في صدرها قلبها بسرعة خائفة أو عاشقة أو حتى متلهفة
، كان عمرها قد تعدى الثلاثين بأربعة سنوات ، ولم تتزوج بل ولم تدخل دنيا العشاق
بعد ، كانت تعرف عن الحب كما يعرف الجائع الفقير عن الجميل من الطعام ، وفجأة وجدت
نفسها أمام رجل ذات شكل ومركز اجتماعي رائع ، مثقف و منسق في ثيابه وألوانه ، عمره
يقترب من عمرها وقد تكبره بشهور ، لم يستغرق الأمر إلا أياماً وزُفت إليه ، كان
أول شئ فعله معها يوم أن دخلت بيته عروس ، هو أن يصليا معاً لله شكراً وطلباً
للبركة لهذا الزواج ، وبعد الصلاة جلسا معاً ولم يبدلا ثيابهم بعد ، ودار هذا
الحوار منه لها ، قال نحن لم نمر بمرحلة حب وخطوبه كما نسمع في العادة ، لذلك لابد
من الاتفاق على ثوابت في بداية حياتنا أن الزواج بيننا هو شركة ، لكل منا له 50% من
أسمها ، ولكن حق الإدارة لي أنا وحدي ، أي في القرارات المصيرية لحياتنا نتناقش
بهدوء ولكن في النهاية يكون القرار لي أنا ، اتفقا معاً بعد أن رأت هي أن حياتها
تبدأ الآن مع رجل ليست من مفردات لغته الظلم ، ابتسمت له وبدأت حياتهما ، حقق لها
ما تتمناه كل أنثى وأصبحت أماً ، وعاشت معه حياة مثل حياة كل الأسر المصرية ، وكبر
الأبناء وتزوجا بعد أن تعلما أحسن تعليم وتقلد كل منهما مركزاً اجتماعيا مرموقاً ،
وأنجبا وتعلما من أبيهما أن الظلم ظلمات ، والكريم هو من يكرم زوجته ، وكانت
سعادته عندما يأتيا بأبنائهما كل أسبوع ليقضيا اليوم هما وزوجاتهما مع الأبوين ،
ومضت الأيام ومرض الزوج فجمع أبناءه وأوصاهما على زوجته أمهما وأن يأخذها الابن
الأكبر لتعيش معه في فيلته ، والتي أشتراها له الأب ليتزوج فيها كما اشترى للابن
الأصغر أيضاً فيلا وتزوج فيها ، حتى يتساويان وطلب منهما بعد أن يرحل أن يظل البيت
مفتوح ، وإذا أرادت الأم العودة إلي البيت لا تترك وحدها ، بل يأتي أحدهما وأولاده
وزوجته ليظلوا معها طالما هي تريد البقاء في بيتها ، ورحل بلا ضجيج كما عاش معها
بلا ضجيج ، وترك لهما ثروة بعد أن عاشوا في بحبوحة ، وفجأة بكت عندما كان في
السرير وقليل الحركة، ، وتقول له أنا وحدي لماذا لا تأتي معي إلي النادي فهناك
الرجال في نفس سنك ، يعتذر لها ويقول سعادتي أن أظل في السرير ، فتغضب في نفسها
بدون أن تنظر له ، وتتصل بصديقة لها ويذهبا إلي النادي ، وكانت تظن أن بعد رحيله
ستكون أكثر حرية في الدخول والخروج ، ولكن لا تعرف ما الذي حدث لها ، رحل هو ورحلت
معه كل ما يربطها بالحياة ، أصبحت قليلة التحدث في التليفون بعد أن كان هو وسيلة
إتصالها بالناس ، حتى النادي لم تعد تشتاق الذهاب إليه كما كانت قبلاً ، والأبناء
يرجونها أن تأتي لتمكث مع أيهما ولو يومين ، إلا أنها كانت ترجوهما أن يتركونها
وحدها ، فإذا قال أحدهما لها هذه وصية بابا كانت تقول بابا معي في كل مكان في البيت
هو يؤنس وحدتي ، ولا أريد البعد عنه وعن أنفاسه التي تتردد في البيت ، وظلت تقول
لنفسها كم أنتَ وحشتني وأشتاق لصوتك ، حتى إني أشتاق لظلك ، لو أعلم أن برحيله سوف
ترحل الدنيا عني ، لتمنيت منه ألا يرحل قبل رحيلي ، ثم تستغفر الله ، وتواصل قراءة
القرآن الكريم لتهب لروحه ما تقرأ.
♠ ♠
♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق